من المعلوم أن الجناح هو المسئول بشكلٍ أساسي عن إنتاج الرفع اللازم للطائرة، لأداء مهام التحليق والمناورة. وأن هذا الرفع ينتج عن فرق الضغط الناتج عن حركة الهواء أعلى وأسفل الجناح، وهذا السريان أو التيار الهوائي المار لا يقوم بإنتاج الرفع أو قوة الرفع (Lift force) فقط، إنما ثمة قوة أخرى مرافقة تعرف بقوة الكبح (Drag force)، أو كما يعرفها البعض بقوة الإعاقة أو المعوقية؛ وهي تعمل عكس اتجاه الطيران، وهي أحد مركبات الكبح أو لإعاقة الكلية على الطائرة. وإن كانت قوة الرفع تعمل بشكل رأسي ضد الوزن الكلي للطائرة، فإن قوة الدفع التي ينتجها المحرك تعمل ضد قوة الكبح (أو الإعاقة).
يقوم عمل مصممي الطائرات والباحثين في هذا المجال –في أحد جوانبه- على تقليل تأثير قوة الكبح أو قوى الكبح من خلال منح الطائرة شكلاً انسيابيا، أو تزويدها بما يمكّنها من تقليل تأثير الكبح. ولقد اتجهت بعض الدراسات لمحاولة تقليل الكبح الناتج عن الحركية الهوائية (the Aerodynamic)، وهو الكبح الناتج عن محصلة القوى الناتج عن فرق الضغط على الجناح، وهو يعرف بالـ(Induced Drag). حيث يظهر هذا الكبح في (Downstream) عند الحافة الخلفية للجناح (Wing Trilling Edge)، ويمتد بشكل واضح عند طرف الجناح. وبسبب فرق الضغط أعلى وأسفل الجناح، فالضغط أسفل الجناح أعلى منه فوقه، بالتالي فإن الهواء يجري من المنطقة الأعلى ضغطاً (أسفل الجناح)، إلى المنطقة الأقل ضغطاً (أعلى الجناح)، ونتيجة لهذا الهروب، تنشئ عند طرف الجناح دوامات طرفية (Tip Vortex) تزداد حجما وقوة خلال حركة الطائرة.
ولتقليل تأثر هذه الدوامات، وجد الباحثون إن مد الجناح (Wing Span) يقلل من تأثير هذه الدوامات. لكن عملياً لا يمكن مد باع الجناح أو الحافة الخلفية للجناح إلى مالا نهاية، لأن هناك الكثير من العوامل تتدخل في تطبيق هذه الحلول، وبالتجربة وجد إنه عند وضع زعنفة (رأسية) بزاوية على طرف الجناح، فإن هذه الزعنفة تزيد من انتشار الـ(Downstream)، كما إنها تزيد من قيمة الرفع عند طرف الجناح، وأيضا تقلل من الدوامات الطرفية للجناح. والنتيجة هي انخفاض مركبة قوة الكبح الـ(Induced Drag)، وما ينتج عنه توزيع أعلى لقوى الرفع على طول باع الجناح.
لتأكيد هذه النتائج وتأثيرها على ظروف عمل الطائرة، تم بناء نماذج وإخضاعها للتجربة داخل الأنفاق الهوائية (Wind tunnel)، وتأكد للباحثين التأثير الكبير لهذه الزعنفة التي تعرف بالـ(Wing Lets)، وتعرف زاوية توضوعها بالـ(Toe angle)، وإن التأثير تعدى مجرد تقليل الكبح، إذ وجد*:
- إنه كنتيجة مباشرة لانخفاض قيمة الكبح على الطائرة، انخفاض الدفع اللازم للتحليق المستوي (Cruise Level)، مما أدى إلى التقليل من صرفيات الوقود بنسبة تصل إلى 6% (هذا يعتمد على نوع الطائرة ومدى التحليق)، معطياً فرصة لزيادة مدى التحليق (Cruise range) أو مدة بقاء الطائرة عند التحليق.
- تقوم هذه الزعنفة، بفصل منطقة الجناح السفلى (ذات الضغط الأعلى)، منطقة أعلى الجناح (ذات الضغط الأقل)، مما أدى إلى تقليل حجم وقوة الدوامات الطرفية. بالتالي التقليل من خطر تأثير هذه الدوامات على الطائرات الأخرى، خاصة عند الهبوط.
- زيادة زاوية التسلق للطائرة، أو تقليل من حدود مدرج الإقلاع عند الحاجة.
- انخفاض الدفع اللازم للتسلق (Climb) بنسبة تصل إلى 3%، مما يعني انخفاض القوة القصوى للإقلاع بالتالي إطالة عمر المحرك، والتقليل من تكلفة الصيانة.
- زيادة خصائص التحليق للطائرة، بحيث يمكن للطائرة بلوغ مستوى تحليق أعلى بشكل أسرع. وأيضاً زيادة اتزان الطائرة عند مستوى اتزانها العرضي/الجانبي (Lateral axis).
- التقليل من تأثير المطبات الهوائية. وهذا يتم عن طريق تقليل تأثير اهتزاز الجناح، بالتالي تقليل تأثر جسم الطائرة بالاهتزاز.
- تمثل كتلة الزعنفة المركزة عند طرف الجناح، دعماً له للتقليل من تأثير عزم الانحناء (Bending Moment) وقوى القص (Shear Force) المؤثرتين عليه.
مقطع يوضح تأثير الزعنفة الطرفية للجناح، إذ يمكن ملاظة هذا التأثير من خلال اهتزاز الخيط الطرفي المثبت على الجناح لتحسس الدوامات.
__________
* تم التركيز على أهم النقاط.
هذا المقال، عبارة عن خلاصة مجموعة من القراءات والبحث. وكنت قد كتبت موضوعاً يتحدث عن ذات الموضوع بعنوان (لماذا الزعنفة العمودية عند نهاية الجناح؟) نشر في أكثر من موقع ومنتدى على النت.
تعليقات