حوادث الطرقات.. وباء العصر


أمام ما تنشره إدارة المرور من أرقام، يقف المرء أمام حجم البلاء مبهوتاً مصعوقاً. المسألة أن الكثير من الخبراء والمهتمين تحدثوا في هذا الموضوع وأشبعوه بحثاً وتفصيلاً للمشكلة. لكن علينا في كل مرة ومرة الحديث والتكرار حتى تتحقق الفائدة.


من وجهة نظرٍ شخصية، أرى إن المشكلة تكمن في الاستخدام المفرط للسيارات والمركبات من قبل المواطن. الأمر الذي تحولت معه المركبة إلى ضرورية من ضروريات الحياة، وهي كذلك، لكن ليس للأمر الذي يكون فيه لكل أسرة سيارة واثنان وثلاثة. هذا الاستخدام المفرط أوجد الكثير من المشاكل منها الحوادث والازدحام. وفيما يلي سنحاول الوقوف على بعض المسببات. أما الحل فهو الوعي، وحده وعي المواطن كقائد للمركبة سيقلل من هذا النزيف المفرط.



الشوارع

الشوارع من الأساسيات المهمة في تخطيط المدن، كونها تحدد أماكن واتجاه وطريقة حركة المركبات عليها. وحال شوارعنا في ليبيا مأساوي، حتى المدن الرئيسية تعاني من تدهور الحالة العامة للطرق، فهي:

- شوارع ضيقة، لا يمكنها استيعاب حجم المركبات الذي يمر من خلالها. حتى الطرق السريعة التي من المفترض أن توسع من حركة السيارات للمدن تعاني من الاختناقات المرورية.

- حالة سيئة من كثرة الحفر وأعمال الصيانة والتمديدات. وهي أعمال غير مدروسة ولا منظمة، ولا تراعي راحة قائد المركبة، الذي يجد نفسه أمام الأمر الواقع.

- بعض الطرق لم تمتد لها أيدي الصيانة منذ سنوات طويلة. وأيضا، بعض الأحياء طرقها غير مسفلتة، وهي أحياء موجودة في المدن الكبيرة، فما بالك بالمدن الصغيرة والقرى.

- حالة بعض الطرق الرابطة بين المدن مزرية، وتعاني الإهمال، وضيقة أي إن طريقاً يمتد بين مدينتين لا يتحمل أكثر من سيارة في كل اتجاه، هذا في غياب نقاط الاستراحة والخدمة، والاتصال في الحالات الطارئة، وعدم وجود إضاءة.



التخطيط

من الأشياء المهمة تخطيط الطرق، ووضع العلامات المرورية عليها، وتحديد الأماكن الخاصة بالتوقف بها. فالملاحظ إنه لا تخطيط للطرق، فقائد المركبة يفاجأ بأن الشارع الذي مر منه بالأمس تغير اتجاهه. كما إن الكثير من الشوارع لا توجد بها علامات مرورية.

الأدهى والأمر، إنه للتقليل من الازدحام، يقوم المشرفون على التخطيط بابتداع أساليب غريبة، كأن يتم فتح الطريق في منتصف للالتفاف، مما يعقد المسالة أكثر. أو أن يوضع فاصل إسمنتي يكون وبالاً على من يصطدم به، أو أن تغلق فتحات الدوران، ليقطع قائد المركبة مسافة طويلة للوصول لمكان يمكنه الالتفاف منه.



المحطات

من المسائل المهمة لقائد المركبة، هو وجود محطة لإيقاف سيارته، وهي مسألة تكاد تكون معدومة في مدننا الليبية، وهي إن وجدت فإنها في أغلبها غير مجهزة ومحشورة في أماكن غير مخطط لها. وفي الغالب تكون مزدحمة بطريقة غير منظمة.

هذا الأمر جعل بالكثير لاستغلال الأرصفة لإيقاف سياراتهم، والشوارع الجانبية، مما زاد من ضيق المساحة المتاحة لمرور السيارات.



السرعة

الكثير –وأنا منهم- يرى إن السرعة هي السبب الرئيسي في حوادث المرور. خاصة على الطرقات الرابطة بين المدن. وبمراجعة النقطتين السابقتين، يمكننا الوقوف على بعض الأسباب، والتي نضيف إليها:

- حداثة أعمار السائقين، وما يرافق هذه المرحلة من طيش واغترار بالنفس.

- القيادة في الليل.

- الحالة الفنية الضعيفة للكثير من السيارات. بالتالي يكون من الصعب التحكم بالمركبة.

- ضعف تطبيق القوانين.

- الرعونة في القيادة، والتعدي في القيادة على أولويات منح الطريق والاجتياز.

- خلو الطرق من إشارات المرور التي تحدد السرعات على الطرقات، وأجهزة تحديد السرعات.



البدائل

أعتقد إن توفر بديل جيد سيكون من القوة بحيث يساهم في تقليل حوادث السيارات، فوجود شبكة نقل عامة تخدم داخل المدن، يجعل من السهل الحركة داخل المدن والتنقل، بالتالي تقل الحاجة لاستخدام السيارة. ليتم التركيز على الطرق الرابطة بين المدن وتدعيمها. وحتى هذه في حال وجود بديل جيد، ستقلل بشكل لافت من حوادث الطرقات.

هذا وألمح إلى أن البدائل الموجودة فعلياً كسيارات الأجرة (البيضاء-السوداء) وسيارات النقل الجماعي (الأيفيكوات) وغيرها، هي في ذاتها مشكلة، لتجاوزها الكثير من حدود وقوانين المرور، وتوقفها المتكرر وفي أي مكان الأمر الذي يربك حركة المرور ويعرقل الحركة على الطرق، ويسبب الحوادث.



القيادة فن وذوق وأخلاق

كثيرا ما صدفنا هذه العبارة، وقالها الكثير من رجالات المرور، لكن أين منا هذه العبارة. فما نشاهده في الطرقات من تجاوزات لا يعقل، حتى صارت محاولة التقيد بقوانين وفنون القيادة الأمر النادر والخاطئ:

- فالاجتياز مثلاً من اليمين مسموح، ومعتاد.

- عدم استخدام إشارات الانعطاف، وإن استعملت ففي الأمتار الأخيرة.

- عدم التوقف عند خط إشارة المرور، وتجاوزها بالتوقف أمامها.

- عدم احترام إشارة المرور.

- عدم التقيد بحارات الطرق عند القيادة في الطريق السريع.

- الدخول لجزيرة الدوران قبل، قبل فراغها بداعي الأسبقية لليمين.

- عدم التقيد بالخطوط والعلامات الأرضية.

- عدم احترام المشاة وخطوط المشاة.


كما إن هناك بعض المعلومات المرورية الخاطئة، مثل:

- أن المرور يمين الإشارة الضوئية دائما مسموح به.

- الأسبقية دائما للقادم من اليمين.

- الأسبقية للداخل للشارع.



إن وقوفنا للتصدي لهذا النزيف الدموي، واجب وطني يدعونا لمزيد العمل والجهد.


تعليقات