صناعة الطيران فلسفة تقوم على التكيف والإبداع

رحلة الابتكار

أدركت قيادة دبي منذ عقود أهمية صناعة الطيران المدني ودورها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، واختطت لنفسها فلسفة خاصة ترتكز على التجديد والابتكار والإبداع في خدماتها وعملياتها انطلاقا من مفهوم أن المسافر، سواء كان في المطار على الأرض أو في الأجواء داخل الطائرة، إنما هو ضيف وأحد العملاء الأكثر أهمية بالنسبة للشركة أو المطار.
وما نراه اليوم من فن الخدمة العالية الذي اشتهرت به طيران الإمارات ومطارات دبي، إنما هو نتاج لهذه الفلسفة والتميز الذي كان دوما سباقا دون نهاية، كما أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله ورعاه.
ولا تكاد تخلو سنة من سنوات العمل إلا وتظهر طيران الإمارات بابتكار جديد وخدمة لم يسمع بها قطاع الطيران من قبل، وفي كل عام تستثمر اكثر من مليار دولار في المنتجات والخدمات بما فيها الخدمات الترفيهية كان آخرها ما قدمته على طائرة الايرباص 380 العملاقة وهو شاور سبا على ارتفاع 34 ألف قدم.

فنون الإبداع

ولا تتوانى طيران الإمارات في ضخ المزيد من الاستثمار بالمليارات في سعيها نحو التجديد والابتكار الذي جعل منها واحدة من اكثر شركات الطيران تميزا في هذا المجال.
خلال السنوات الخمس الماضية استثمرت الناقلة اكثر من 5 مليارات دولار في عمليات التجديد والابتكار في الخدمة من أنظمة الترفيه الى المقاعد، الى العديد من فنون الابداع في مجالات الضيافة، وتعيد بالتالي أمجاد الماضي حين كان السفر الجوي محاطاً بالأبهة والفخامة، وهو تعبير عن الثورة التي أحدثتها الناقلة في السفر الجوي من خلال طرح خدمات متميزة للمسافرين حول العالم شملت مختلف درجات الطائرة الثلاث.
وتعود بدايات الابتكار لطيران الإمارات الى تسعينيات القرن الماضي حين كانت أول ناقلة تدخل شاشات الترفيه على متن رحلاتها لتنطلق بعدها رحلات الابتكار والتجديد جعلت منها أنموذجا يحتذى بين شركات الطيران.
 

أجنحة ملكية

ولم تدخر الناقلة جهدا في إبهار العالم، حيث حولت مقاعد الدرجة الاولى الى أجنحة وغرف في غاية الخصوصية تتمتع بأعلى معايير الخدمة وأعادت تجديد مقاعد درجة رجال الاعمال وزودتها بشاشات اكبر في الوقت الذي كانت فيه شركات الطيران تفكر في تركيب مثل هذه الشاشات على طائراتها.
وترسي أجنحة الدرجة الأولى على طيران الإمارات معايير عالمية للفخامة منذ إطلاقها للمرة الأولى عام 2003، وتتضمن مقعداً جلدياً يتحول إلى سرير مستو بالكامل مع تجهيزات لتدليك الجسم، وثلاجة صغيرة تحتوي على مشروبات ومأكولات خفيفة، وباباً يفتح ويغلق أوتوماتيكياً لتوفير مزيد من الخصوصية. ويمكن للراكب طلب وجبات الطعام عندما يشاء وفق مفهوم خدمة الغرف الفندقية.
وتعاونت طيران الإمارات مع مصنعي الطائرات والمقاعد لإضفاء أجواء »الطائرة الخاصة برجال الأعمال« على قمرة الدرجة الأولى. وقد أصبحت أجنحة الدرجة الأولى المحسنة أكبر وأوسع.

نظام فريد للترفيه الجوي

حافظت طيران الإمارات على التزامها بالابتكار من خلال طرح نظامها الترفيهي الرقمي فائق التطوُّر ذي الشاشة العريضة ice Digital Widescreen.
ويشكِّل هذا النظام الجيل الثاني من أنظمة الترفيه الجوية ويوفر برامج سمعية وبصرية حسب الطلب AVOD تعد أكبر تشكيلة من المواد الترفيهية خلال الرحلات في الأجواء، كما يتضمن مزايا وظيفية فريدة تقدم لمستخدميه تجربة ترفيهية أكثر خصوصية من أي وقت مضى وقد بدأت تركيب هذا النظام بدءاً من يونيو من عام 2007.
ويتوفر نظام ice المبتكر للترفيه الجوي لركاب الدرجات الثلاث، ويتيح لهم أكثر من 1000 قناة ترفيهية حسب الطلب، تتضمن أحدث الأفلام والإصدارات الموسيقية التي تعرض على شاشة بلورة سائلة واسعة تعد الأكبر في صناعة الطيران: 23 بوصة للدرجة الأولى، 17 لرجال الأعمال و10.6 بوصات لركاب الدرجة السياحية.

تميز وتنويع

قال راشد بوقراعة، الرئيس التشغيلي لمؤسسة مدينة دبي للطيران، إن الابتكار يعتبر المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. وتكمن أهمية الابتكار في تحسين جودة الحياة، وزيادة التنويع الاقتصادي، وتعزيز اقتصاد المعرفة، وتعزيز التنافسية العالمية للمؤسسات، وتوفير فرص عمل ذات مهارات عالية، وتشجيع ريادة الأعمال. فطالما شكلت دولة الإمارات، ودبي بشكل خاص، محوراً تاريخياً للابتكار.
وتأسست منذ البداية، على مبادئ الابتكار والإبداع والمعرفة، لأن قيادة الدولة عملت على الاستثمار في بناء ثروة بشرية قادرة على تحقيق طموحات عالمية على كافة المستويات. وتتميز دولة الإمارات بقدرتها المذهلة على بناء بيئة تشجع على الإبداع والابتكار وجذب المواهب، كما تمتلك خططاً للتحول إلى حكومة ذكية، وتحويل مدنها إلى مدن ذكية مبتكرة وصديقة للإنسان.

استراتيجية

وأشار بوقراعة إلى أن الابتكار يكون بسعي الأفراد والمؤسسات والحكومات للتقدم عبر توليد أفكار إبداعية واستحداث منتجات وخدمات وعمليات جديدة ترتقي بجودة الحياة، حيث إن أهم عناصر الابتكار هي:
التمويل والاستثمار، ورأس المال البشري والأبحاث، والمؤسسات والبيئة التنظيمية، والمنتجات الإبداعية، والتمويل والاستثمار، والبيئة التنافسية، والبنية التحتية، والمعرفة والتكنولوجيا. ففي دولة الإمارات، حرصت القيادة الرشيدة، التي تؤمن بأن الابتكار هو رأسمال المستقبل، على إطلاق مشاريع ضخمة لتحويل التعليم إلى تعليم ذكي قائم على الإبداع والابتكار..
وإنشاء مجمعات للإبداع في مجالات الإنترنت والإعلام والطاقة المتجددة والصناعات، وتأسيس بنية تحتية تكنولوجية هي بين الأفضل عالمياً، إلى أن أصبح اقتصاد الإمارات ضمن الاقتصادات القائمة على المعرفة والابتكار حسب تصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي.
وقال بوقراعة إن الاستراتيجية الوطنية للابتكار تتمحور حول قطاعات رئيسية تقود الابتكار وهي: الصحة والتعليم والمياه والفضاء والنقل والطاقة المتجددة والنظيفة والتكنولوجيا.

حرية اقتصادية

 أشار الرئيس التشغيلي لمؤسسة مدينة دبي للطيران إلى أن الابتكار يعتمد على مناخ اجتماعي داعم ضمن ثقافة من الحرية الاقتصادية والفكرية. إن الثقافة والابتكار يدعمان ويساندان بعضهما البعض في التوسع والنمو، فلا يمكن حدوث ابتكار في ثقافة لا تدعمه، أو لن تدعمه في المستقبل..
حيث تنطوي الخطوات الرئيسية في بناء المناخ الثقافي للابتكار على توسيع فرص ومرافق التعليم وتوفير الدعم المالي للمبتكرين وإزالة العوائق البيروقراطية أمام تسجيل الابتكار وإنفاق المال للإعلان عن المنتجات المبتكرة.
فالثقافة التي تكافئ الإبداع والنجاح سوف تحفز ظهور موجة جديدة ودولية من النمو الاقتصادي العالمي، والدول التي تسمح للفرد بأن يحلم ويبتكر وينتج، سوف تطور ثقافتها وقدرتها على الابتكار وسوف تكسب المركز والنفوذ على نطاق عالمي، والدول التي لا تفعل ذلك ستبقى متخلفة وسيكون مصيرها الاندثار.

عامل مهم

وفي ضوء إشادة كبار المديرين التنفيذيين وأصحاب المشاريع حول العالم بمزايا الابتكار الذي يمثل المحرك الأساسي للنمو والتنافسية والقيمة للمساهمين، إضافة إلى كونه عاملاً هاماً في نجاح شركاتهم..
ولمواكبة متطلبات الاقتصاد العالمي الحديث، أكد بوقراعة على أنه يتعين على الشركات تمييز نفسها من خلال تقديم ابتكارات فريدة في المنتجات والخدمات وأساليب العمل والتوجه إلى السوق، وعلى الحكومات أن تدعم جهود الابتكار عبر تطبيق سياسات فعالة وتحسين سهولة وفعالية تطوير الأفكار وتحويلها إلى سلع تجارية عبر الأبحاث وإتاحة إمكانية الوصول الأفضل إليها.
وأشار إلى أن الشركات تبذل جهوداً مستمرة للمحافظة على قدرتها على تحقيق مستويات ملائمة من العائدات نتيجة جهودها في الابتكار. وإذا لم تتمكن من القيام بذلك، فإنها ستتوقف عن الاستثمار أو ستنتقل إلى دولة أخرى، حيث يمكنها تحقيق عائدات أكبر.

خدمات جوية

من نظام الخدمة الهاتفية في كل مقعد على الطائرة، الى خدمة الاتصال الهاتفي مجاناً من مقعد إلى آخر على الطائرة، رسخت طيران الإمارات معايير جديدة وعالية من الفخامة في صناعة الطيران المدني.
وكان عام 1992 قد شهد تركيب أول فيديو شخصي أصبحت بموجبه طيران الإمارات أول خطوط جوية في العالم تركب نظام الفيديو الشخصي لتستمر رحلة التميز حتى عام 2008 حين كانت أول ناقلة في العالم توفر لركابها إمكانية استخدام هواتفهم النقالة على الرحلات من خلال نظام إيروموبايل.

صناعات مزدهرة

أشار راشد بوقراعة إلى أن الابتكار يفيد الدول أيضاً. فالدول ذات الصناعات المزدهرة تتمتع بمعدلات دخل أعلى ومستويات معيشية ونوعية حياة أفضل.
ويكمن التحدي الذي يواجه الحكومات والشركات في الاستثمار في مشاريع الأعمال التي تجمع بين العلوم المتطورة والموارد الثقافية المحلية، وبناء الروابط بين العلوم والأعمال مع ترك كل واحد منها يزدهر والاستفادة من العلوم الناشئة القادرة على مساعدة الصناعات في تفهم السلوك البشري بصورة أفضل، ورؤية الأثر الطويل الأمد للسياسة والاستراتيجية، وتطوير عمليات أعمال جديدة.

تعليقات