الخـط الأبيض .. كونتريلز



سؤال كثيراً ما يتردد بين الناس، وكثيرا ما سُئلتُ عنه: ما هو الخط الأبيض الذي يتبع الطائرة؟، ولأن الناس (العامة) يحاولون تفسير الظواهر التي يصادفونها لمحاولة الفهم وإقناع أنفسهم بالتفسير، لذا فإن أحدهم علق عند مشاهدته لهذا الخط، بأن هذه الطائرة تقوم بتحية الأراضي التي تعبرها، وهي بالتالي تعبر عن شكرها!!، تفسير غريب للأمر، وغير منطقي خاصة لمن له علاقة بالعلوم خاصة من أهل الاختصاص. فتعالوا في محاولة لتفسير هذه الظاهرة.

الارتفاع-الجو البارد:

الكل أو بعضنا، لابد درس ضمن منهج مادة الفيزياء (العلوم) أو الجغرافيا العلاقة بين الارتفاع ودرجة الحرارة، والقاعدة القائلة: (إن درجة الحرارة تتناسب تناسباً عكسياً مع الارتفاع)، ويمكننا إعادة صياغة هذه القاعدة، بأن درجة حرارة الجو أو المحيط تقل كلما ارتفعنا عن سطح الأرض1، وتبعاً لهذا يقل ضغط الهواء وكثافته. 
فدرجة الحرارة تقل كلما ارتفعنا عن سطح الأرض (سطح البحر) بمقدار: 6.5 Co /Km (أو: 6.5 درجة حرارة مئوية لكل كيلومتر)، ويستمر انخفاض درجة الحرارة (والضغط والكثافة) حتى ارتفاع 11 كيلومتر (نهاية طبقة التروبوسفير)، لتثبت درجة الحرارة خلال طبقة الستراتوسفير والتي تبلغ -56 درجة حرارة مئوية حتى ارتفاع 16 كيلومتر، ويعرف الحد الفاصل بين الطبقتين بـ(التروبوبوز)، كما يوضح الشكل التالي:


العلاقة بين الارتفاع ودرجة الحرارة


وهذه العلاقة بين الارتفاع ودرجة الحرارة (والضغط والكثافة، أيضاً) موضوعة ضمن جدول يعرف بـ(International Standard Atmosphere- ISA).

التحليق وعادم المحرك:

تعمل طائرات النقل (ركاب، بضائع) على ارتفاعات ما بين 10000 متر (حتى: 30000 قدم) وحتى 12000 متر (حوالي: 40000 قدم) وعند هذا الارتفاع تصل درجة الحرارة إلى -56 درجة مئوية تقريباً، وهذه الدرجة باردة جداً بالنسبة لما يمكن أن يسجل على سطح الأرض.
وحتى الوصول إلى هذا الارتفاع فإن الطائرة تستخدم محركاتها بمبدأ الدفع، للحصول على الرفع اللازم للإقلاع والتسلق حتى بلوغ مرحلة التحليق (Crusoe Stage) والتي تستوي عندها الطائرة أغلب فترة الرحلة.
يصنف محرك الطائرة أنه من محركات الاحتراق الداخلي، حيث يتم دفع الهواء عبر الضاغط (Compressor) إلى حجرة الاحتراق (Composition Champers) حيث يتم مزجه والوقود ومن بعد دفعه عبر العنفة (Turbine) إلى المخرج (Exhaust) إلى الخارج.

الـكـونـتريـلز

هذا الذيل السحابي يعرف اصطلاحياص بالـ(كونتريلز)، وهو عادم المحرك، والذي يحتوي على مجموعة من المركبات الكيميائية (بخار الماء، ثاني أكسيد الكربون، أكسيد النيتريك، ثاني أكسيد الكبريت) تخرج عند درجة حرارة عالية، ويشكل بخار الماء نسبة منها، بالتالي فإن الأمر لا يعدوا أن يكون عملية تكثيف كالتي تحدث في المكثفات العادية، فبخار الماء الساخن الخارج مع غازات العادم، يصطدم بدرجة الحرارة الباردة والتي تعمل على خفض درجة حرارته (أي بخار الماء)، مما يؤدي إلى انكماشه وتجمعه في شكل سحائبي أبي، وهو ما نراه كخط أبيض متصل.
وتشير بعض الدراسات المناخية، أن لهذه السحب المتكونة أثر في ازدياد تكون السحب خاصة في المناطق التي تعرف حركة طيران عالية، إذ تتمكن هذه الخطوط البيضاء من تجميع ذرات البخار القريبة منها لتتحول إلى نواة سحابة.
وهنا نذكر، إن أقل ارتفاع يمكن أن يتكون فيه هذا الذيل السحابي هو 8 كيلومتر، فوق سطح البحر، مع درجة حرارة أقل من 40 درجة مئوية تحت الصفر.
كما إن الكونتريلز، شوهدت لأول مرة في ألمانيا، وتحديداً سماء ميونخ، في العام 1919، عندما ارتفع الألماني "زينو دايمر" إلى ارتفاع 30500 قدم.
____________________
هوامش:
1- يأخذ (سطح البحر/See Level) كنقطة مرجعية (Reference point) لقياس درجة الحرارة. ومتوسط درجة الحرارة على سطح البحر = 15.15 Co.

تعليقات