هل انتهى عهد الطائرة الرباعية المحركات؟

بوينغ 777 X تغير من قواعد اللعبة هل انتهى عهد الطائرة الرباعية المحركات؟ 

إعداد علي محمد الهاشم


شهق العالم وهو يشهد اعلان صفقات ضخمة غير مسبوقة لشراء طائرات ركاب ضخمة وأخرى متوسطة الحجم خلال معرض دبي للطيران الماضي، والذي أقيم في مقره الجديد بأرض مطار آل مكتوم الدولي بجبل علي في امارة دبي. لكن الذي لفت الأنظار هو في تركيز معظم تلك الصفقات على نوع معين من الطائرات، وهو نموذج جديد من بوينغ لطائرته فئة 777، والذي حمل الرمز X (اكس باللغة اللاتينة)، والأدهى من ذلك أنه ذو محركين عملاقين فقط رغم ضخامة حجم تلك الطائرة أو النموذج، مما يعكس مدى اتجاه شركات الطيران بقوة نحو طائرات الركاب من فئة المحركين بدلا عن الأربعة، وهذا ما سيقودنا الى الموضوع التالي.
تشير التوقعات الأخيرة الى أن 30 عاما من تاريخ اليوم ستطغى طائرات الركاب ذات المحركين الاثنين على معظم المبيعات، سواء تلك ذات الممر الواحد أم تلك التي ذات البدن العريض والممرين، وأن ما مجموعه 17 ألف طائرة قد تسلم من الآن وحتى 30 عاما، قد تتضمن بالكاد طائرة واحدة ذات المحركات الأربعة، والحقيقة أن هذا الشيء قد ترجم على أرض الواقع، حيث لم تحظ طائرات ايرباص 340 بطلبات ولا حتى بمبيعات تذكر، وقد أغلق خط انتاجها مؤخرا، وبالعكس من ذلك تحولت ايرباص مرغمة الى تطوير طائرات ركاب عريضة البدن من فئة A350XWB، والتي برهنت على مدى رغبة شركات الطيران على اقتنائها منذ اللحظة الأولى، حيث تجاوزت الآن حاجز 700 طائرة، وبالتالي باتت منافسا يحسب له حساب في بوينغ الرائدة في هذا المجال، وهذا ما دفع بالأخيرة الى تطوير النموذج الأكبر من فئة طائرات الركاب ثنائية المحرك والبدن العريض وهي النموذج 777 X.

حاصدة الصفقات

أطلقت شركة بوينغ برنامجها لطائرات «777 اكس» خلال فعاليات معرض دبي للطيران 2013، مع الاعلان عن تلقيها طلبيات والتزامات قياسية من قبل العملاء، للحصول على أحدث عضو ضمن عائلة منتجاتها من الطائرات ذات الممرين. وتشكّل هذه الاتفاقيات المبرمة لشراء 259 طائرة من قبل خمسة عملاء من أوروبا والشرق الأوسط، ركيزة قوية لدعم تطوير وانتاج هذه الطائرة. وتتضمن طلبيات والتزامات شراء طائرات «777 اكس»، التي تمثل أكبر حدث اطلاق في تاريخ الطائرات التجارية بحسب قيمتها بالدولار، 34 طائرة لشركة لوفتهانزا، و25 للاتحاد للطيران، و50 للخطوط الجوية القطرية، و150 لطيران الامارات. وتتجاوز القيمة الاجمالية لهذه الاتفاقيات 95 مليار دولار أميركي وفق الأسعار المعلنة. ومنذ وقت قصير قامت شركة طيران «كاثي بسافيك» ومقرها هونغ كونغ بطلب 21 طائرة من هذا النوع النموذج اكس 9 بقيمة اجمالية تبلغ 7.5 مليارات دولار أميركي؛ وتم تطوير «777 اكس» استناداً الى طائرة 777 التي تستحوذ اليوم على 55 في المائة من السوق ضمن فئتها من حيث الطلبيات التراكمية، و71 في المائة من الأسطول العامل في الخدمة حول العالم.

هيمنة للثنائية

مع نهاية هذا العقد ستهيمن طائرات الركاب الثنائية المحرك من فئة البدن العريض على قطاع النقل الجوي، وليس هذا وحسب، بل على الرحلات البالغة الطول، والتي تتجاوز حاجز 12 ساعة من دون توقف ولا اعادة تزود بالوقود في محطة بالمنتصف، كما كان في السابق، وهذا يرجع الى التطور الكبير الذي حدث في مجال محركات الطائرات النفاثة الى جانب التحسينات الانسيابية (الايروديناميكية) للطائرات الحديثة، أضف الى ذلك الاستخدام الكثيف للمواد المركبة في صنع الأبدان والأجنحة لتلك الطائرات؛ فقفزت معه قدرتها على الطيران بحمولة نافعة من الركاب والشحن ما بين أبعد نقطتين في المعمورة والربط بين مدن العالم بحاجز يفوق 15 ألف كلم مسافة، فطائرات كالايرباص 350-800 تتمتع بمدى يصل الى 15500 كلم وطائرة بوينغ 787-9 كذلك وبالطبع ستكون البوينغ 777-9 اكس بالقدرة نفسها مع 400 راكب في حين ستتفوق 777-8 اكس على الجميع دون منازع بمدى يبلغ 17500 كلم بحمولة تتجاوز 300 راكب.

حظوظ العملاقة

لقد أدى النمو في حركة النقل الجوي للطائرات المتوسطة والكبيرة الحجم بنسبة %25، مما دفع بشركات الطيران إلى اختيار الطائرات الكبيرة. فإن الطائرات الكبيرة مثل طائرة إيرباص A380، بالإضافة إلى نسبة إشغال المقاعد الأعلى، تلبي الحاجة إلى استيعاب أكبر عدد من المسافرين، دون الحاجة إلى تشغيل طائرات أو رحلات إضافية، بحسب ما أفاد مطار هيثرو في لندن. وهذا بدوره ساهم في تخفيض حرق الوقود والضجيج خلال الـ40 عاما الماضية بنسبة %70، وذلك من خلال طائرات مثل A380 وA350 والبوينغ 777-8 و9 إكس و787-8 و-9 ذات الجسم العريض جداً. وتوفر طائرة الإيرباص A380 العملاقة، التي تصل سعتها إلى أكثر من 500 مقعداً، موزعة على ثلاث درجات تمتع بأجواء الخصوصية والفخامة التي تميز الصالون الجوي الواقع في الطابق العلوي من الطائرة، الذي يتيح لهم تناول المرطبات المنعشة والتواصل مع المسافرين الآخرين على ارتفاع 40 ألف قدم، وهو ما يجعلها مثيرة وفريدة من نوعها، كما أنها رباعية المحركات، لكنها تصنف في خانة خاصة بها من دون منازع، في حين لم تحض البوينغ 747-8 المنافسة بتلك الخاصية، ولا حتى قدرة المدى.

قفزة الرباعية

في الوقت الذي تواصل فيه طيران الإمارات حصد جوائز السفر العالمية الرفيعة، قررت الناقلة الدولية الأسرع نمواً، الدخول إلى عاصمة الجوائز العالمية «الأوسكار» بطريقتها الخاصة، من خلال البدء بتشغيل طائرتها الشهيرة الإيرباص A380 الرباعية المحركات والعملاقة لخدمة رحلتها اليومية إلى لوس أنجلوس. وحطت الطائرة A380 في مطار لوس أنجلوس الدولي، لتشكل خدمتها أطول رحلة لطائرة من هذا الطراز على مستوى العالم. وعبرت الطائرة أجواء روسيا الاتحادية والقطب الشمالي وشرق كندا في رحلة استغرقت 16 ساعة و20 دقيقة، وكانت طيران الإمارات بدأت تشغيل رحلاتها اليومية إلى لوس أنجلوس عام 2008 بطائرة بوينغ 777-200LR الثنائية المحرك (القبس اختبرت تلك الرحلة عبر محرر الطيران علي الهاشم في سبتمبر 2011).
ويأتي تشغيل الطائرة A380 التي توفر 489 مقعداً والتي تعمل بمحركات GP7200، تلبية للطلب العالي على هذه الوجهة التي سافر إليها أكثر من مليون راكب حتى الآن وتشغل طيران الإمارات أكبر أسطول من طائرات الإيرباص A380، حيث تستأثر بواحدة من بين كل ثلاث طائرات عاملة من هذا الطراز في أجواء العالم. وكانت طيران الإمارات أيضاً أول زبون لهذه الطائرة، حيث تقدمت بطلبية مؤكدة لشرائها عام 2000، كما طلبت 50 طائرة أخرى خلال معرض دبي الدولي للطيـران، الذي أقيــم في نوفمبر الفائت.

السوق يحدد الحجم

بينت السنوات الأخيرة أنه وحده سوق النقل الجوي العالمي، هو الذي يحدد قواعد اللعبة وبالطبع يصبّ ذلك في تحديد الحجم المطلوب من الطائرات، خصوصا ذات البدن العريض، وبالتالي فإن طائرة بحجم إيرباص 380 العملاقة ذات المحركات الأربعة يتطلب منها إيجاد السوق المناسب لها، في حين متى ما قل الطلب سدت الطائرات الأصغر حجما كالبوينغ 777 ذات المحركين الطلب، من دون أي خسارة تذكر، مما يعزز من فرص هيمنة الطائرات الثنائية المحرك في المستقبل القريب.







تعليقات