السقوط الأمين لطائرة CIRRUS RS22

كتبه: المدرب الطيار نبيل الحيالي
عن المصدر

يبدأ كافة الطيارين تدريباتهم لمهنتهم الجديدة على طائرات مروحية صغيرة الحجم من ذوات المحرك الواحد والتي تتباين في ما بينها من حيث الشركات المصنعة لها وحداثة انتاجها وقابلياتها الأدائية ومن حيث نوعية ومستوى أجهزة الطيران المتوفرة فيها.

ولقد حدثت تطورات انفجارية ونقلات نوعية هائلة في تصميم وصناعةهذه الطائرات المستخدمة في تدريب الطيران التجاري حتى بدايات ستينيات القرن الماضي وأعني بتلك التغييرات هي التي أدت الى تطوير وتغيير كبير في ألأساليب والمناهج المتبعة في تدريب الطيارين وأستطيع أن أوجز هنا بعض من أهمها فمثلا التحول من استخدام العجلة الذيلية الخلفية الى استخدام العجلة الأمامية الأنفية في تصاميم الطائرات وكذلك التحول من استخدام ما يعرف بعصا القيادة ذات القبضة الواحدة الى استخدام مقود السيطرة الذي يتألف من قبضتين, والتغيير الدراماتيكي الأخر هو في شكل مقصورة الطيارين ووضعهما جنبا الى جنب بدلا من الوضعية السابقة حيث كانت مقاعد الطيارين احدهما خلف الآخر.


ولو نظرنا مثلا الى طائرات البايبر التدريبية من ذوات المحرك الواحد والتي تعتبر من أنجح الطائرات والأكثر استخداما في مراحل التدريب الأساسي للطيارين في كافة أنحاء المعمورة الى جانب طائرات السيسنا فأن قابليات هذه الطائرات على أداء المناورات المطلوبة في مراحل التدريب الأولية بكفاءة لم تتطور كثيرا خلال عقود طويلة من الزمن لذلك نجد ان طائرة الورير التي تدربت أنا شخصيا عليها في أكسفورد برطانيا قبل أكثر من خمسة وثلاثون عاما لم يحدث عليها تغييرا انفجاريا وجذريا هائلا بل أن كافة التغييرات التي كانت تحدث هي عبارة عن اضافة بعض التحسينات على المحارك ومنضوماتها و تغيير بعض أجهزة الملاحة والأتصال.

أما التطور النوعي الكبير والذي حدث مؤخرا فهو ادخال الحاسوب والمعالجة الرقمية للمعلومات التي يحتاجها الطيار في قيادته للطائرة واستخدام جهاز الملاحة بالأقمار الأصطناعية والتحول من اظهار و عرض تلك المعلومات على عدادات تقليدية دائرية الشكل الى شاشات الكاثود أو الكريستال السائل المتطورة وألتي أتاحت الطيارون سيلا من المعلومات يعرض أمامهم بشكل أنيق ودقيق وموثوق بدرجة عالية جدا عليهم متابعته وفهمهه بشكل مستمر وأدى ذلك أيضا الى تغيير في أساليب الملاحة والهبوط المتبعة الى حد ما.


ولكن السؤال الأهم مع هذا التقدم في أجهزة ونوعية الطائرات وحداثة منظوماتها هو : هل أصبحت تلك الطائرات الصغيرة من ذوات المحرك الواحد أكثر أمانا ؟ 

الجواب :  نعم ولكن الى حد ما لأننا ما زلنا نسمع ونشاهد كثير من الحوادث المميتة تحدث بشكل مستمر ولنفس الأسباب السابقة وهي:

.1 أخطاء الطيارين.

.2 ألأعطال الفنية للطائرة وأجهزتها.

.3 ألظروف الجوية ألسيئة.

.4 أخطاء السيطرة الجوية.



ولذلك نجد أن حالات الهبوط الإضطراري لطائرات المحرك الواحد ليست بنادرة في أماكن غير مخصصة أصلا للهبوط وقد تكون حالات الهبوط هذه ممكنة وآمنة وليست مميتة أيضا اذا أجتمعت عددا من العوامل من أهمها



.1 عدم تضرر جسم الطائرة أو جناحها

.2 تصرف الطيار الصحيح وإتخاذ القرار الصحيح 

.3 وجود مكان ملائم على الأرض أو على الماء لعمل الهبوط الإضطراري

.4 توفر أرتفاع وسرعة بحدود أمينة للطائرة لكي تتمكن من إجراء مناورة الهبوط الأضطراري بأمان.





ولكن ماذا لو كانت الطائرة خارجة بالكامل عن سيطرة الطيارين بسسبب مثلا حدوث تماس بينها وبين طائرة أخرى وتضرر أجزاء من الجناح أو مجموعة الذيل أو دخول الطائرة في حالة أنهواء حلزوني لا يتمكن الطيار من الخروج منه لأي سبب من الأسباب لذلك من المتوقع في مثل هكذا حالات أن تكون النتائج كارثية.

ومن خلال عملي في مجال الطيران فأنني سمعت وقرأت عن العديد من حوادث السقوط المميت لطائرات صغيرة وارتطامها بالأرض بينما كان طياريها أحياء فيها حتى لحظة ارتطامها بالأرض فا زلت أذكر حادثة طائرة التوماهوك الرياضية في آكسفورد والتي لم يتمكن المدرب والطالب من اخراج الطائرة من حالة أنهواء حلزوني تدريبي وقتل ألأثنان. وحادثة أخرى حدثت في بداية الثمانينيات من القرن الماضي في ألأكاديمية الملكية الاردنية للطيران حيث فقدنا فيها أحد الطلاب العراقيين من الدورات المبتعثة لدراسة الطيران في الأكاديمية عندما حدث تماس بين طائرتين في الجو وكان الطيارين في كلا الطائرتين من العراقيين

والأمثلة كثيرة ومؤسفة في هذا الصدد ولكني أسأل هنا سؤالا هو أشبه بالحلم أو أمنية من أماني الأطفال كم من الطيارين تمنى وجود زر أو عتلة صغيرة يسحبها ويجلس مرتاحا في مقعده لتحط طائرته بعد قليل بأمان على الأرض عندما تخرج الأمور عن السيطرة أنا على يقيين بأن العديد من الطيارين كانت له هكذا أمنية في مرحلة ما.

وقد تعرفت بشي من التفصيل على تلك الطائرة ولأول مرة قبل عدة سنوات عندما حضرت تقديما وشرحا عن تلك الطائرة مدعوما بالصور والأفلام قدمه المدير الفني لمشروع الطائرة للمدير العام للأكاديمية الملكية الأردنية للطيران الكابتن محمد الخوالدة وعدد من المدراء وقد كان ذلك جزءا من جولة تسويقية واعلانية تقوم بها شركة سيروس الأمريكية المصنعة لتلك الطائرة ومن الطبيعي لم تكن كل تلك اجهزة ومنظومات الطائرة المتطورة لتجلب الأنتباه بقدر منضومة CIRRUS AIRFRAME PARACHUTE SYSTEM   والتي تسمى اختصارا (CAPS)

وقد كان حادث اصطدام بين طائرتين في الجو هو مصدر الألهام لشركة   Cirrus 

ومحفزا لأبتكار هذه المنضومة الثورية في عالم الطيران والتي أنقذت وما زالت تنقذ الكثير من الأرواح .

والمنظومة بإختصار عبارة عن عتلة حمراء صغيرة مثبتة في سقف طائرة CIRRUS RS22 يقوم الطيار بسحبها عندما يتطلب الظرف ذلك لينطلق صاروخ صغير يعمل بالوقود الصلب مثبت في حجرة في الجزء العلوي للطائرة ليسحب معه مظلة قطرها 65 قدما مرتبطة بشرائط قوبة في نقطة محسوبة من جسم الطائرة وتتولى تلك المظلة أمر الطائرة بالكامل بعد ذلك ويجلس الطيار في مقعده منتظرا الهبوط الأمن على الأرض أو سطح الماء ولأمتصاص صدمة الأرتطام بالأرض تم اجرا تطويرات على عجلات الهبوط واضافة نظام منع التدحرج  ROLL CAGE  وكذلك توجد منضومة أمتصاص الصدمة في مقاعد الطائرة لتقليل ما تبقى من طاقة الصدمة تدعى اختصارا ( Cirrus Energy Absorbing Technology (CEAT

والأن ألأ توافقوني الرأي بأن هناك حلما أخر قد تحقق بفضل التقدم العلمي للبشر مما سيجعل السماء أكثر أمانا لروادها.


تعليقات