لماذا؟
متابعة لخبر وصول رحلة الأفريقية إلى مطار بنينه – بنغازي، سألتني زوجتي عن
سبب استخدام سيارات المطافئ لبخ الماء فوق الطائرة، فيما يشبه القوس؟ فأخبرتها إن
هذا يعد من تقاليد وأعراف الطيران، وشرحت لها بعض ما يتعلق بها الأمر.
لذا رأيت أنه سيكون من الأفضل أن اكتب تدوينة بالخصوص، أشرح فيها هذا
التقليد وكل ما يخصه.
قوس الماء!
يعد قوس الماء، أحد التقاليد أو الأعراف المتعارف عليها في مجال صناعة
الطيران، وهو يرمز الي الترحيب بأي شركة طيران أو طائرة جديدة تهبط لأول مرة في
المطار، أو حتي الترحيب بطرازات الطائرات الجديدة التي تسير رحلاتها لمطار ما
للمرة الأولى، و يسمى ذلك “التحية بمدافع المياه” أو Water Cannon Salute.
وهنا نذكر؛ أنه لا أحد يعرف بالضبط متى وأين بدأت تحية الطائرات بمدافع
المياه في المطارات. ولكن لأن الكثير مما يخص الطيران له أساس يعود إلى البحرية،
فالبعض يعيد هذا التقليد إلى الأعراف البحرية، فالمعروف قديماً في عهود رحلات
السفن عابرة المحيطات، كان من المعتاد أن تقوم لانشات الإطفاء والقاطرات برش السفن
عابرة المحيطات بالمياه عند مغادرتها أو دخولها الميناء. لكن الثابت إن هذا
التقليد صار ممارسة شائعة في عالم الطيران بداية من العام 1990م، عندما قام
العاملون في مطار (سولت ليك سيتي) الدولي؛ بولاية يوتا في الولايات المتحدة
الأمريكية، بتحية الطيارين المتقاعدين من خطوط (دلتا) الجوية عن طريق خلق قوس من
المياه لتمر من تحته الطائرة.
مواصفات قياسية
ولأنه في مجال الطيران كل شيء
محسوب، ولا يترك للصدفة أو الاعتباط، فهناك كيفية قياسية لعملية تحية الطائرات
بمدافع المياه، حيث يصطف زوج من مركبات الإطفاء علي جانبي المدرج انتظارا لهبوط
الطائرة، و مع اقتراب الطائرة من المن الخروج من مدرج الهبوط، أو التوقف نهائياً،
تقوم سيارات الاطفاء بتشغيل مدافع المياه القوية المثبتة عليها، وتوجيهها لعمل قوس
كبير من المياه المندفعة، يسمح بمرور الطائرة من أسفله، ثم تمر الطائرة ببطء من
أسفل القوس. هذا مع الأخذ في الاعتبار الطول الإجمالي لجناحي الطائرة.
يمكن لهذه العملية أن تؤدى باستخدام
ثلاث سيارات اطفاء وتشكيل مثلث، مع اجتماع تيار خراطيم المياه الخاصة بهم في
المركز الذي تمر الطائرة من أسفله.
جسم الطائرة يتعرض مباشرة للماء
هل القوس آمن على الطائرة؟
كما أشرنا سباقاً، كون صناعة
الطيران فيها الكثير من الحسابات، فإن تم تنفيذ هذا القوس بالطريقة الصحيحة، فإنه
لا يشكل أي خطر على الطائرة. إلا أنه في بعض الحالات، قد تتسبب عملية تحية
الطائرات بمدافع المياه في حدوث أخطاء، أو إلحاق أضرار بالطائرات، واضطرارها
للتوقف في انتظار إجراء الإصلاحات الازمة، وذلك عندما توجيه أنبوب مخضة الماء إلى
جسم الطائرة، مما يسبب ضررا لجسم الطائرة، أو توجيه المياه إلي محركات الطائرة، أو
استخدام رغوة الاطفاء بدلا من المياه في التحية، كما حدث لطائرة شركة (يونايتد
ايرلاينز) الأمريكية، من طراز بوينغ 777، في مطار (واشنطن دولس) الدولي خلال شهر
ديسمبر 2006م.
الأمر الآخر الذي يخص الأمان والسلامة؛
هو الاعتقاد أن تحية الطائرات بمدافع المياه هي مضيعة للمياه، ولكن في الواقع هي
ليست كذلك؛ فغالبا ما يتم التحقق من سلامة وتشغيل مضخات ونظم الاطفاء وخراطيم
المياه بالمطار كل يوم، مما يتطلب تشغيلها وفتح المياه منها على بعض المباني، لذلك
تعد تحية الطائرات بمدافع المياه وسيلة أفضل وأكثر احتفالاً لاختبار معدات الاطفاء
بالمطار.
وكنتيجة، يرى البعض أن مركبات الإطفاء
بعض تصريف خزانات المياه خاصتها خلال التحية، فأنها لن تكون قادرة على الاستجابة
لحالات الطوارئ أو الحريق أثناء ذلك الوقت. كما إنها -أي مركبات الإطفاء- ستكون
خارج المنطقة التي تضمن أن يكون زمن استجابتها لحوادث الحريق، في أقل من 2 دقيقة.
لكن المتعارف عليه، أنه في
الغالب ما تكون سيارات الإطفاء المستخدمة في تحية الطائرات زائدة عن الحد الأدنى
المطلوب لضمان استجابة فعالة لحالات الحريق والطوارئ.
والآن؛ متى يتم تحية الطائرة
بقوس الماء؟
هناك أكثر من سبب لتحية الطائرة
بقوس الماء، وفي الغالب يتم الأمر بطلب من طرف ثالث، بالتنسيق مع إدارة المطار
وقسم المطافئ لتنفيذ هذه التحية، فلا يوجد قانون أو عروف دولي موحد لتنظيم هذه
العملية.
أما أهم أسباب استخدام قوس المياه
لتحية الطائرات، فيمكن تلخيصها في التالي:
تشغيل شركة طيران جديدة في
المطار.
هبوط الطائرات الجديدة في
المطار.
تقاعد قائد الطائرة أو الكابتن
أو أحد رجال الإطفاء.
آخر رحلة لطائرة أو لشركة طيران
من أو الى المطار.
افتتاح خط جديد، أو تدشين المطار.
الاحتفالات أو المناسبات الخاصة.
الاحتفال بالشخصيات المهمة، حيا
أو ميتا.
عودة الطائرات من الصيانة بعد
فترة توقف.
تعليقات