مع دخول عديد الدول الموجة الثانية من جائحة فايروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وفرض بعضها للحظر الشامل ضمن إجراءاتها الاحترازية لمواجهة هذه الجائحة، عاد من جديد إلى أذهان العديد من الناس البحث في العلاقة بين السفر وانتشار الفايروس؛ خاصة وإن العديد من المطارات وشركات الطيران تفرض مجموعة من الشروط على المسافرين لتوفير رحلة آمنة!
ومع توقع عودة موجة ثالثة، وتصريح منظمة الصحة العالمية الخاص بالتعايش مع الفيروس، نسأل: متى سيكون السفر بالطائرات آمناً؟
الأرقام تقول إن عدد المسافرين قد انخفض بشكل كبيرٍ جدا، فعلى سبيل المثال كان عدد المسافرين جوا القادمين إلى المملكة المتحدة أقل بنسبة 99 في المئة من عددهم (بداية من أزمة كورونا وحتى بداية شهر اغسطس 2020م)، مقارنة بالعام 2019م.
وصرحت شركة الخطوط الجوية الأمريكية (أمريكان أيرلاينز)، إنه يُمكن تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي على جميع المسافرين، في إشارة إلى أن طائراتها تحتوي على الكثير من المقاعد الشاغرة. أما شركة (فيرجين أتلانتيك) فقالت؛ إن العديد من رحلاتها خلال كانت تحمل ربع عدد الركاب التي يمكن للطائرات حملهم.
هل السفر الجوي آمن الآن؟
هذا هو السؤال الذي يراود كل مني يقوم بالسفر جواً، خاصة وإنه بعد انتشار هذا الفايروس، راجت الكثير من الشائعات حول علاقة استخدام الطائرات ومستوى انتشار الفايروس، إذ ثمة من يعتقد إن الهواء في الطائرات هو هواء راكد، أي غير متجدد.
من المعلوم إن الطائرات المدنية، تحلق على ارتفاعات عالية جداُ تصل إلى 40 ألف قدم (أكثر من 12 كيلومتر)، وعند هذا الارتفاع تختلف خصائص الهواء عنها على سطح الأرض، إذ تقل درجة حرارة الهواء والضغط والكثافة بشكل كبير، يكون من الصعب العيش فيها، لكن الجو داخل الطائرة يشبه إلى حد كبير الجو عند سطح الأرض.
ولو تخيلنا رحلة طولها لمدة 4 ساعات طيران، على متن طائرة تحمل 200 راكب، فكم من الهواء سيحتاجه الركاب بما فيهم الطاقم، إذ اعتبرنا أن الهواء داخل الطائرة راكد، كما يقال.
الحقيقة أن الهواء في داخل الطائرة يتجدد باستمرار، إذ تحتوي الطائرة على نظامين يقومان على توفير الهواء المتجدد والقابل للتنفس، وهما؛ نظام الهواء، ونظام التكييف، حيث يقومان على ضخ الهواء إلى الطائرة لتوفير بيئة مناسبة للعيش من حيث توفير الهواء بنسبة أكسجين تمكن الراكب من التنفس براحة، وهذا يتعلق بكثافة وضغط الهواء، التي توفر الجو المناسب للركاب.
إذا، ما المشكلة؟
المشكلة في السفر جواً، هو جلوس الركاب على مسافات قريبة جدا من بعضهم البعض، الأمر الذي يجعل من انتقال العدوى أمرا سهلاً، سواء بالتعرض المباشر أو من خلال لمس الأسطح، كونها مشتركة بين الركاب.
في هذا الصدد، وكما بينا في مقالاتنا السابقة، تعمد شركات الطيران إلى توزيع الركاب على مقاعد الطائرة لضمان مسافة تباعد بين الركاب، مما يقلل من عدد ركاب الرحلة، تقريبا بنسبة الثلث، والدارج أن يترك المقعد الأوسط في مقصورة الركاب فارغاً.
كما تقوم شركات الطيران بتوفير مستلزمات الوقاية من كمامات ومواد تطهير وتعقيم. كما إن الأطقم الجوية في كل شركات الطيران تلقت تدريباً خاصا للتعامل مع حالات الاشتباه بالإصابة بفيروس الكورونا.
ما النصيحة التي تقدم للمسافرين جوا؟
تقول هيئة الصحة العامة في إنجلترا، إنه يجب على المسافرين أن يجلسوا في أماكن متباعدة بأقصى صورة ممكنة. ويقدم المركز والشبكة الوطنية لصحة المسافرين التي أنشأتها هيئة الصحة في إنجلترا النصائح التالية:
– تجنب النهوض ومغادرة مقعدك إلا للضرورة القصوى، ولكن حاول أن تحرك وتمرن ساقيك وقدميك بمدهما وثني الكاحلين لتعزيز تدفق الدم إليهما.
– استخدم المرافق الصحية المخصصة للمنطقة التي تجلس فيها فقط واِغسل يديك قبل الخروج منها.
– إذا شعرت إنك لست على ما يرام، اِبق في مقعدك وتحدث إلى مضيفي الطائرة.
– يجب ألا تسافر إذا كنت تشعر أن صحتك ليست على ما يرام، أو كنت قد أجريت فحصا وأثبت أنك مصابا بكوفيد-19.
في الختام، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بموعد لعودة الأمور لطبيعتها ما قبل كورونا، وحتى ما أشرنا إليه في مقالاتنا السابقة من تواريخ متوقعة تظل قابلة للتغيير.
وفيما يخص السفر جواً تظل القاعدة المهمة، لا تسافر جوا إلا إذا كنت مضطراً، وعند سفرك تأكد من اتباعك للنصائح الخاصة بالإجراءات الاحترازية من انتشار هذا الفايروس اللعين.
نشر بصحيفة الصباح - 5 نوفمبر 2020
تعليقات